شهد النظام القانوني في دولة الإمارات العربية المتحدة تطورات كبيرة في السنوات الأخيرة، خاصة في ما يتعلق بالأحوال الشخصية، وعلى رأسها الطلاق الغيابي في القانون الجديد الإماراتي، وقد جاءت هذه التعديلات لمواكبة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية، ولتوفير بيئة قانونية أكثر عدلاً وإنصافًا لجميع الأطراف المعنية، سواء كان الزوج أو الزوجة أو حتى الأبناء، في هذا المقال، سنقدم شرحًا تفصيليًا لـ الطلاق الغيابي في القانون الجديد الإماراتي، مع تسليط الضوء على الشروط، والإجراءات، والحقوق والواجبات المترتبة، إلى جانب مقارنة بسيطة مع النظام القديم.
الطلاق الغيابي في القانون الجديد

الطلاق الغيابي في القانون الجديد هو نوع من أنواع الطلاق يتم فيه إنهاء العلاقة الزوجية دون حضور أحد الزوجين، وغالبًا ما يكون الزوج هو من يقوم بتطليق الزوجة دون علمها أو دون حضورها شخصيًا أمام المحكمة، وكان هذا النوع من الطلاق شائعًا في كثير من المجتمعات، لكنه كان يثير الكثير من الجدل خاصة فيما يتعلق بحقوق الزوجة والأبناء.
نظرة عامة على قانون الأحوال الشخصية الجديد في الإمارات
في نهاية عام 2023 أعلنت دولة الإمارات عن تحديثات جوهرية في قانون الأحوال الشخصية، شملت الزواج، الطلاق، الحضانة، والنفقة، وقد دخلت هذه القوانين حيز التنفيذ في عام 2024، وقد أولى القانون الجديد أهمية خاصة لمسألة الطلاق الغيابي في القانون الجديد لضمان حقوق المرأة وتحقيق التوازن في العلاقة الأسرية.
تطورات الطلاق الغيابي في القانون الجديد
أدخل القانون الجديد مجموعة من التعديلات التي تهدف إلى تقنين وتنظيم الطلاق الغيابي في الإمارات بشكل يحمي حقوق الطرف الغائب وخاصة المرأة ومن أبرز هذه التعديلات:
إلزامية الإخطار الرسمي
في الطلاق الغيابي في القانون الجديد لم يعد بإمكان الزوج أن يطلق زوجته غيابيًا دون إخطارها، بل أصبح من الضروري إعلام الزوجة بالطلاق رسميًا من خلال المحكمة، إما عن طريق الإشعار البريدي أو الإلكتروني أو عبر السلطات المختصة.
تسجيل الطلاق في المحكمة
يشترط القانون الجديد تسجيل الطلاق الغيابي في الإمارات لدى المحكمة المختصة، ولا يُعتد بالطلاق إلا إذا تم تسجيله رسميًا، وهذا الإجراء يهدف إلى منع الطلاق العشوائي وضمان توثيق جميع الحالات رسميًا.
النظر في الأسباب والمبررات
بموجب الطلاق الغيابي في القانون الجديد أصبحت المحكمة تطلب من الزوج تقديم أسباب واضحة ومبررات منطقية للطلاق الغيابي، خصوصًا إذا كانت الزوجة غير مطلعة على الإجراءات، وهذا يمنح المحكمة صلاحية تقييم الوضع واتخاذ القرار بما يضمن العدالة.
حقوق المرأة بعد الطلاق الغيابي
في إطار الطلاق الغيابي في القانون الجديد الإماراتي، تم التأكيد على حفظ حقوق المرأة بعد الطلاق، مثل النفقة، السكن، وحضانة الأطفال، حتى وإن لم تكن حاضرة أثناء النطق بالطلاق، كما أن القانون أعطى للمرأة الحق في الاعتراض على الطلاق في حال رأت فيه ظلمًا أو تعسفًا.
إلغاء الطلاق الشفوي
في خطوة تعكس التوجه المدني في تنظيم العلاقات الأسرية، لم يعد الطلاق الشفوي معترفًا به قانونيًا، وبالتالي، فإن أي طلاق لا يتم من خلال المحكمة، ولا يسجل بشكل رسمي، لا يُعتبر طلاقًا قانونيًا.
الآثار القانونية لالطلاق الغيابي في القانون الجديد الإماراتي
أحدث القانون الجديد نقلة نوعية في تنظيم آثار الطلاق الغيابي، ونعرض فيما يلي أهم هذه الآثار:
الحضانة
تُمنح الحضانة غالبًا للأم، إلا إذا ثبت وجود ما يمنع ذلك، وذلك حفاظًا على مصلحة الطفل الفضلى. وتبقى الحضانة قائمة حتى سن معينة تحددها المحكمة حسب الظروف.
النفقة والسكن
ألزم الطلاق الغيابي في القانون الجديد الزوج المطلق بدفع نفقة شهرية وتوفير سكن للمرأة الحاضنة وأبنائها، حتى وإن تم الطلاق غيابيًا، مما يعزز حماية الطرف الأضعف في العلاقة.
المستحقات المالية
يحق للزوجة المطالبة بجميع حقوقها المالية مثل المؤخر، التعويض عن الضرر، وأي مستحقات أخرى حسب عقد الزواج أو العرف السائد.
خطوات تسجيل الطلاق الغيابي في القانون الجديد الإماراتي

تمر إجراءات الطلاق الغيابي في القانون الجديد في الإمارات بعدة مراحل منظمة:
- تقديم طلب الطلاق في المحكمة المختصة مع بيان السبب.
- محاولة الصلح عن طريق مكاتب التسوية الأسرية.
- إصدار الحكم بالطلاق في حال فشل الصلح، وتوثيقه رسميًا.
- إخطار الزوجة عبر القنوات الرسمية.
- تحديد الحقوق مثل النفقة والحضانة وفقًا للمعايير القانونية.
هل يمكن للزوجة الاعتراض على الطلاق الغيابي؟
نعم، وفقًا لـ الطلاق الغيابي في القانون الجديد الإماراتي، يمكن للزوجة تقديم اعتراض على الطلاق إذا رأت أن فيه ظلمًا أو أنه تم دون وجه حق، كما يمكنها المطالبة بتعويض مادي عن الضرر النفسي والاجتماعي الذي لحق بها نتيجة الطلاق.
مقالات قد تعجبك:
ما هو الطلاق الغيابي وشروطه واجرائاته.
لماذا يعد القانون الجديد أكثر عدالة؟
لأن الطلاق الغيابي في القانون الجديد الإماراتي أصبح يتطلب إشرافًا قضائيًا كاملاً ويضمن الإخطار والتوثيق وتوزيع الحقوق بشكل عادل، كما أن التعديلات جاءت لتتماشى مع المعايير الدولية في حماية الأسرة وحقوق المرأة، مما يعزز من مكانة الإمارات كنموذج قانوني عصري.
الفرق بين القانون القديم والقانون الجديد
في القانون القديم، كان الطلاق الغيابي يتم بشكل أكثر بساطة من الناحية الإجرائية، حيث كان الزوج يستطيع تطليق زوجته دون حضورها، وفي بعض الحالات دون علمها، عبر الطلاق الشفوي أو حتى من خلال ورقة مكتوبة خارج نطاق المحكمة.
لم يكن يشترط حينها إخطار الزوجة رسميًا، كما لم تكن هناك آليات صارمة لتسجيل الطلاق أو التأكد من حقوق الطرف الآخر، مما أدى إلى حالات كثيرة من الظلم، خاصة للنساء اللواتي فوجئن بصدور الطلاق دون علمهن، وبدون أي ترتيبات مسبقة تضمن لهن النفقة أو الحضانة أو المسكن.
أما في القانون الجديد الإماراتي، فقد تم تقييد هذه الممارسات من خلال مجموعة من التعديلات القانونية التي تهدف إلى حماية الحقوق وتوفير العدالة. أول فرق أساسي هو أن الطلاق الغيابي لا يُعتبر نافذًا إلا بعد تسجيله رسميًا في المحكمة، ويجب على الزوج إخطار زوجته بقرار الطلاق عبر الجهات الرسمية.
كما أُلغي الاعتراف بالطلاق الشفوي، وأصبح من الضروري أن تتم كل إجراءات الطلاق، بما فيها الغيابي، تحت إشراف القضاء
من التعديلات الجوهرية كذلك أن المحكمة أصبحت تطلب من الزوج تقديم أسباب منطقية للطلاق، ويُتاح للزوجة حق الاعتراض وطلب التعويض إذا ثبت تعسف الزوج.
كما يضمن القانون الجديد حقوق المرأة بعد الطلاق مثل النفقة، السكن، وحضانة الأطفال، بغض النظر عن طريقة الطلاق أو حضورها أثناء صدوره.
خدمات اخرى:
أضرار الطلاق الغيابي
يحمل الطلاق الغيابي العديد من الأضرار الاجتماعية والنفسية والقانونية، خاصة عندما يتم دون إشراف قانوني كافٍ أو دون مراعاة للطرف الآخر، وغالبًا ما تكون الزوجة هي المتضرر الأكبر، من أبرز الأضرار:
الصدمة النفسية للزوجة:
عندما تتفاجأ الزوجة بوقوع الطلاق دون سابق إنذار، قد تعاني من اضطرابات نفسية حادة مثل القلق، الاكتئاب، أو الشعور بالإهانة وفقدان الأمان، خصوصًا إن كانت تعتمد على الزوج ماديًا أو لم تكن هناك خلافات واضحة قبل الطلاق.
ضياع الحقوق المادية:
في حال لم يتم تسجيل الطلاق رسميًا أو لم تُبلغ الزوجة به بطريقة صحيحة، قد تفقد بعض حقوقها مثل المؤخر، النفقة، أو السكن، خاصة إذا لم تلجأ بسرعة إلى المحكمة للمطالبة بها.
تأثير سلبي على الأطفال:
الأطفال غالبًا ما يكونون الضحية الصامتة في حالات الطلاق الغيابي، حيث ينشأون في بيئة مفككة، وقد يُحرمون من التواصل المتوازن مع أحد الأبوين، أو يعيشون حالة من الغموض حول أسباب الانفصال.
تشويه السمعة الاجتماعية:
في بعض المجتمعات، يُنظر إلى المرأة المطلقة نظرة سلبية، وخاصة إذا تم الطلاق غيابيًا، ما قد يؤثر على مكانتها الاجتماعية، أو فرصها المستقبلية في الزواج والعمل.
صعوبات قانونية لاحقة:
الطلاق الغيابي، إذا لم يُوثق بشكل صحيح، قد يؤدي إلى نزاعات قانونية لاحقة، خاصة فيما يتعلق بحضانة الأطفال، وتقسيم الممتلكات، وإثبات الطلاق من الأساس.
مصادر مفيدة:
البوابة الرسمية لحكومة الامارات.

المحامية آلاء الجسمي
المحامية آلاء الجسمي، مؤسسة والرئيس التنفيذي لمكتب آلاء الجسمي للمحاماة في الإمارات، محام عام بخبرة أكثر من 10 سنوات متخصصة في قضايا الأحوال الشخصية، والقضايا الجنائية والمدنية، القضايا المتعلقة ب طقانون الشركات، البنوك، والقانون التجاري، تُعد من المحامين البارزين في مدينة عجمان، وتغطي بخدماتها القانونية إمارات الشارقة، دبي، العين، الفجيرة، وأم القيوين.