تعد حضانة الأطفال من أبرز القضايا التي تثار عقب وقوع الطلاق بين الزوجين، حيث تُثار تساؤلات حول مَن الأحق بحضانة الأطفال وما الشروط الواجب توافرها في الحاضن، وفي دولة الإمارات العربية المتحدة يولي القانون اهتمامًا خاصًا بمصلحة الطفل الفضلى عند البت في مسائل الحضانة، ويحدد شروطًا ومعايير لضمان تحقيق هذه المصلحة، حيث يهدف هذا المقال إلى تقديم شرح تفصيلي لجميع شروط حضانة الاطفال بعد الطلاق وفقًا للقانون الإماراتي.
تعريف الحضانة في القانون الإماراتي
قبل أن نستعرض شروط حضانة الاطفال بعد الطلاق يمكننا تعريف الحضانة وفقًا للمادة (142) من قانون الأحوال الشخصية الإماراتي، تُعرَّف الحضانة بأنها: “حفظ الولد وتربيته ورعايته بما لا يتعارض مع حق الولي في الولاية على النفس” ويتضح من هذا التعريف أن الحضانة تركز على الجوانب اليومية لرعاية الطفل، مثل الإقامة والتربية والتعليم والرعاية الصحية، بينما تظل الولاية للأب في الأمور المتعلقة باتخاذ القرارات المصيرية للطفل.
شروط حضانة الاطفال بعد الطلاق العامة

شروط حضانة الاطفال بعد الطلاق في القانون الإماراتي العامة والتي يجب أن تتوافر في الحاضن سواء كان الأم أو الأب أو غيرهما، لضمان تحقيق مصلحة المحضون، تتمثل هذه الشروط في:
- العقل والبلوغ: يجب أن يكون الحاضن عاقلًا وبالغًا سن الرشد، مما يضمن قدرته على اتخاذ القرارات المناسبة لرعاية الطفل.
- الأمانة والقدرة على التربية: يتعين أن يكون الحاضن أمينًا وقادرًا على تربية المحضون تربية صالحة، والاعتناء بشؤونه اليومية.
- السلامة من الأمراض المعدية والخطيرة: يجب أن يكون الحاضن خاليًا من الأمراض المعدية أو الخطيرة التي قد تشكل خطرًا على صحة المحضون.
- عدم الإدانة بجرائم مخلة بالشرف: يُشترط ألا يكون الحاضن قد أُدين بجريمة تمس الشرف أو الأمانة، لضمان بيئة سليمة لنشأة الطفل.
شروط حضانة الاطفال بعد الطلاق الخاصة بالحاضنة (الأم)
متى تسقط حضانة الأم في القانون الإماراتي؟ حيث تتطلب حضانة الأم بالإضافة إلى شروط حضانة الاطفال بعد الطلاق العامة شروط خاصة يجب توافرها في الأم الحاضنة فإن لم تتوفر تسقط عنها الحضانة وهي:
- عدم الزواج من أجنبي عن المحضون: إذا تزوجت الأم من رجل أجنبي عن الطفل، قد يؤثر ذلك على حقها في الحضانة، إلا إذا رأت المحكمة أن ذلك لا يتعارض مع مصلحة المحضون.
- الاتحاد في الدين مع المحضون: يجب أن تكون الحاضنة على نفس دين المحضون، إلا إذا قدرت المحكمة خلاف ذلك لمصلحة المحضون، على ألا تزيد مدة الحضانة في هذه الحالة عن خمس سنوات.
شروط حضانة الاطفال بعد الطلاق الخاصة بالحاضن (الأب)
بالنسبة للأب الحاضن بالإضافة إلى شروط حضانة الاطفال بعد الطلاق العامة، يجب توافر الشروط التالية:
- وجود امرأة تصلح للحضانة: يجب أن يكون لدى الأب امرأة من أقاربه (مثل الجدة أو الأخت) تقيم معه وتساعد في رعاية المحضون، خاصة إذا كان الطفل صغير السن.
- الاتحاد في الدين مع المحضون: كما هو الحال مع الأم، يجب أن يكون الأب على نفس دين المحضون.
ترتيب أولويات الحضانة
في إطار حديثنا عن شروط حضانة الاطفال بعد الطلاق نجد أن القانون الإماراتي حدد ترتيبًا معينًا لمن يحق لهم حضانة الطفل بعد الطلاق، مع مراعاة مصلحة المحضون كأولوية قصوى يأتي الترتيب كما يلي:
- الأم: تُمنح الحضانة للأم في المقام الأول، نظرًا لقدرتها الطبيعية على توفير الرعاية والحنان للطفل، خاصة في سنواته الأولى.
- الأب: في حال عدم قدرة الأم أو عدم أهليتها للحضانة، ينتقل الحق إلى الأب.
- أم الأم (الجدة لأم): إذا تعذر على الأب تولي الحضانة، تنتقل إلى الجدة من جهة الأم.
- أم الأب (الجدة لأب): تليها في الترتيب الجدة من جهة الأب.
- الأخوات: تُمنح الحضانة للأخت الشقيقة، ثم الأخت لأم، ثم الأخت لأب.
- بقية الأقارب: يستمر الترتيب ليشمل بقية الأقارب وفقًا للدرجة والقربى، مع مراعاة مصلحة المحضون.
هذا الترتيب يظهر حرص المشرع الإماراتي على تقديم مصلحة الطفل الفضلى، مع إعطاء الأولوية للأم ثم الأقرب فالأقرب من الأقارب.
مدة الحضانة
حدد القانون الإماراتي مدة معينة لحضانة النساء للأطفال في حال مطابقتها لشروط حضانة الاطفال بعد الطلاق حيث تنتهي حضانة الأم:
- للذكور: عند بلوغهم سن 11 سنة.
- للإناث: عند بلوغهن سن 13 سنة.
- ومع ذلك يجوز للمحكمة تمديد هذه المدة إذا رأت أن ذلك في مصلحة المحضون، حتى يبلغ الذكر سن الرشد أو تتزوج الأنثى.
مقالات قد تعجبك:
حالات سقوط الحضانة

يمكن أن تسقط الحضانة عن الحاضن في حالات معينة منها:
- الإخلال بالشروط المطلوبة: إذا فقد الحاضن أحد شروط حضانة الاطفال بعد الطلاق العامة أو الخاصة المذكورة سابقًا.
- الانتقال إلى مكان يصعب معه قيام الولي بواجباته: إذا انتقل الحاضن إلى بلد أو مكان يجعل من الصعب على الولي (غالبًا الأب) متابعة شؤون المحضون والقيام بواجباته تجاهه.
- السكوت عن المطالبة بالحضانة: إذا لم يطالب مستحق الحضانة بها لمدة ستة أشهر دون عذر مقبول.
- سكن الحاضن الجديد مع من سقطت حضانتها: إذا سكن الحاضن الجديد مع شخص سقطت حضانتها لسبب غير العجز البدني.
حق الزيارة والرؤية
يُمنح الوالد غير الحاضن حق زيارة المحضون ورؤيته، ويتم تنظيم ذلك بالاتفاق بين الطرفين أو بقرار من المحكمة إذا لم يتفقا ويهدف هذا الحق إلى الحفاظ على علاقة الطفل مع كلا والديه، بما يحقق مصلحته الفضلى.
مسكن الحضانة
يُلزم القانون الأب بتوفير مسكن مناسب للمحضون وحاضنته، سواء كان ذلك بتأمين مسكن مستقل أو دفع بدل إيجار حيث يجب أن يكون المسكن ملائمًا من الناحية الصحية والاجتماعية والنفسية، لضمان بيئة مستقرة وآمنة للطفل.
الجهات المختصة بالنظر في قضايا الحضانة
في دولة الإمارات العربية المتحدة، تُعَدّ محاكم الأحوال الشخصية الجهة المختصة بالنظر في قضايا الحضانة، وهي تابعة لـ السلطة القضائية المحلية في كل إمارة وتختلف الإجراءات قليلًا من إمارة لأخرى، لكن المبادئ العامة تبقى موحدة بموجب القانون الاتحادي رقم (28) لسنة 2005 في شأن الأحوال الشخصية، المعدّل بالقانون الاتحادي رقم (5) لسنة 2020.
ما هي الإجراءات الأساسية لرفع قضية حضانة؟
- محاولة الصلح: قبل أن تُحال القضية إلى المحكمة، يُحال الطرفان إلى قسم التوجيه الأسري، وهو قسم تابع لدائرة القضاء، يُحاول إصلاح ذات البين.
- تقديم دعوى الحضانة: في حال فشل الصلح، يتم تسجيل القضية رسميًا لدى المحكمة المختصة.
- جلسات المحاكمة: يتم عقد عدة جلسات للنظر في المستندات والشهادات وتقييم ظروف الطرفين.
- قرار المحكمة: تصدر المحكمة حكمًا نهائيًا بناءً على مصلحة المحضون ومدي تطابق شروط حضانة الاطفال بعد الطلاق، ويمكن استئنافه أمام محكمة الاستئناف ثم التمييز.
المحاكم المدنية غير مختصة
من المهم معرفة أن المحاكم المدنية العادية لا تملك الصلاحية للبت في قضايا الحضانة، لأنها تعتبر من المسائل “الشرعية” التي تتطلب تخصصًا ومعرفة بالقوانين الأسرية والدينية.
مقالات قد تعجبك:
حضانة الأطفال غير المواطنين في الإمارات
في حالة الأطفال غير المواطنين المقيمين في دولة الإمارات، يظل القانون الإماراتي هو المرجع الأساسي في قضايا الحضانة وتحديد شروط حضانة الاطفال بعد الطلاق طالما كان النزاع يُنظر أمام محكمة داخل الدولة، لكن هناك بعض الاعتبارات الخاصة التي تأخذها المحكمة بعين الاعتبار:
- تطبيق القانون الإماراتي أولًا: حتى لو كان أحد الوالدين أو كلاهما غير مواطن، فإن القانون الإماراتي يُطبق كمرجع أولي، خاصة في حال وجود إقامة قانونية داخل الدولة.
- الاحتكام إلى قانون الجنسية في بعض الحالات: إذا اتفق الطرفان، أو إذا رأت المحكمة أن القانون الوطني للطرفين (مثلاً قانون بلدهم الأصلي) يُحقق مصلحة أكبر للطفل، يمكن للمحكمة أن تُطبّق قواعد ذلك القانون، بشرط ألا تتعارض مع النظام العام لدولة الإمارات.
- عدم الترحيل الإجباري للمحضون: تولي المحاكم أهمية كبرى لعدم الإضرار بالمحضون نفسيًا، لذلك في حال طلب أحد الوالدين أخذ الطفل خارج الدولة (للعيش الدائم أو الحضانة)، فإن المحكمة قد ترفض هذا الطلب ما لم يكن فيه مصلحة واضحة للطفل.
- النظر في أوضاع الإقامة والتأشيرة: إذا كان الطفل غير مواطن، فإن المحكمة تأخذ بالحسبان الأمور الإدارية مثل الإقامة والتأشيرات، للتأكد من أن الطفل لن يتعرض لمشاكل قانونية أو ترحيل مفاجئ يؤثر على استقراره.
هل يمكن الاتفاق بين الوالدين على الحضانة دون الرجوع للمحكمة؟
نعم، يُمكن للوالدين الاتفاق على ترتيبات الحضانة دون اللجوء للمحكمة، ولكن هناك ضوابط وشروط مهمة يجب معرفتها.
1. الاتفاق لا يُلغي سلطة المحكمة:
حتى لو اتفق الطرفان يظل من الأفضل توثيق هذا الاتفاق لدى المحكمة، أو تقديمه كـ مستند رسمي موثق لدى الكاتب العدل لأن أي نزاع مستقبلي قد يُؤدي إلى تجاهل الاتفاق إذا لم يكن موثقًا أو معتمدًا قضائيًا.
2. الشرط الأساسي: مصلحة الطفل:
المحكمة تحتفظ دائمًا بحقها في نقض أي اتفاق بين الوالدين إذا رأت أنه لا يُحقق مصلحة الطفل الفضلى مثلاً: إذا اتفق الوالدان على إعطاء الحضانة لطرف لا يُوفر بيئة آمنة أو صحية أو يفتقد لأي من شروط حضانة الاطفال بعد الطلاق التي ذكرناها سابقا حيث يمكن للمحكمة إلغاء الاتفاق.
3. يمكن تسجيل الاتفاق ضمن الطلاق بالتراضي:
في حالات الطلاق بالتراضي، يمكن إدراج بنود الحضانة، والزيارة، والمصاريف ضمن اتفاقية الطلاق وتوثيقها في المحكمة، وبذلك تصبح جزءًا من الحكم القضائي النهائي.
4. الاتفاقات الخاصة بالزيارة والتنقل:
يمكن أن يتفق الوالدان على جدول زيارة مرن، مثل السماح للأب باستضافة الطفل نهاية الأسبوع، أو السماح للأم بالسفر مع الطفل خلال الإجازات المدرسية وهذه الاتفاقات تقوي العلاقة بين الطفل والوالدين وتُجنّب الصراعات القانونية.
الخاتمة
يضع القانون الإماراتي مصلحة الطفل الفضلى في مقدمة الاعتبارات عند البت في مسائل الحضانة بعد الطلاق من خلال تحديد شروط حضانة الاطفال بعد الطلاق، وترتيب أولويات الحضانة، وتوفير ضمانات مثل مسكن الحضانة وحق الزيارة، يسعى القانون إلى ضمان نشأة سليمة ومستقرة للأطفال في ظل التغيرات الأسرية التي قد تطرأ بعد الطلاق.

المحامية آلاء الجسمي
المحامية آلاء الجسمي، مؤسسة والرئيس التنفيذي لمكتب آلاء الجسمي للمحاماة في الإمارات، محام عام بخبرة أكثر من 10 سنوات متخصصة في قضايا الأحوال الشخصية، والقضايا الجنائية والمدنية، القضايا المتعلقة ب طقانون الشركات، البنوك، والقانون التجاري، تُعد من المحامين البارزين في مدينة عجمان، وتغطي بخدماتها القانونية إمارات الشارقة، دبي، العين، الفجيرة، وأم القيوين.