الدعوى القضائية ليست مجرد تقديم شكوى أو عريضة إلى المحكمة، بل هي إجراء قانوني منظم يخضع لضوابط محددة لضمان عدالة التقاضي وسلامة الإجراءات، من هنا تأتي أهمية التفرقة بين القبول الشكلي للدعوى وقبولها موضوعيًا، فحتى لو كانت الدعوى تحمل مطالب جوهرية مشروعة فإن عدم استيفائها لشروط قبول الدعوى شكلا قد يؤدي إلى رفضها قبل النظر في مضمونها.
في القانون الإماراتي حدّدت قوانين المرافعات مجموعة من شروط قبول الدعوى شكلا وهي بمثابة “بوابة الدخول” لأي دعوى إلى ساحة المحكمة، تشمل هذه الشروط: الصفة، المصلحة، الأهلية، والاختصاص القضائي.
في هذا المقال نُقدم شرحًا تفصيليًا ومهنيًا حول شروط قبول الدعوى شكلا في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفقًا لأحدث التشريعات القضائية ونصوص قانون الإجراءات المدنية.
ما هي شروط قبول الدعوى شكلا في القانون الإماراتي؟

يشترط القانون الإماراتي أن تتوافر في الدعوى جملة من الشروط الشكلية حتى تُقبل من حيث الشكل، ويُنظر في موضوعها وهذه الشروط ليست مجرد إجراءات تنظيمية، بل هي ضمانات قانونية تُحقق العدالة وتحمي الأطراف، بحسب قانون الإجراءات المدنية الإماراتي رقم (11) لسنة 1992 وتعديلاته، فإن الشروط الشكلية الرئيسية لقبول الدعوى هي:
- الصفة: أن يكون المدعي هو صاحب الحق أو من ينوب عنه قانونًا.
- المصلحة: أن يكون للمدعي مصلحة حقيقية، قائمة، ومشروعة في رفع الدعوى.
- الأهلية: أن يكون المدعي متمتعًا بالأهلية القانونية للتقاضي.
- الاختصاص: أن تُرفع الدعوى أمام المحكمة المختصة نوعيًا ومكانيًا.
وفي حال تخلف أحد هذه الشروط، يتم الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً دون التطرق لموضوعها.
شرط الصفة في رفع الدعوى: من يحق له التقاضي؟
من شروط قبول الدعوى شكلا الصفة والتي تعني أن يكون المدعي هو صاحب الحق محل النزاع، أو من يحق له المطالبة به نيابة عن صاحب الحق بموجب وكالة أو ولاية قانونية أو تمثيل رسمي.
أهمية الصفة:
- تمنع من تقديم دعاوى عشوائية أو كيدية.
- تُحدد العلاقة القانونية بين المدعي والمدعى عليه.
- تُمكن المحكمة من معرفة الجهة الحقيقية صاحبة الحق.
حالات فقدان الصفة:
- أن يرفع الدعوى شخص لا علاقة له بالنزاع.
- أن يكون هناك نزاع بين أطراف لا يربطهم أي عقد أو علاقة قانونية.
أمثلة:
- لا يحق للجار أن يرفع دعوى ضد مقاول نفذ عملاً لدى جاره لمجرد أنه تضرر.
- الوصي يمكنه رفع دعوى نيابة عن القاصر بشرط إبراز ما يثبت صفته القانونية.
وفي حال انتفاء الصفة، تقضي المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلًا وفقًا للمادة 3 من قانون الإجراءات المدنية.
شرط المصلحة: هل يملك المدعي مصلحة شخصية ومباشرة؟
المصلحة من شروط قبول الدعوى شكلا وهي الفائدة القانونية التي يرجوها المدعي من رفع الدعوى، ويجب أن تكون شخصية، مباشرة، ومشروعة.
عناصر المصلحة:
- الشخصية: أن تكون للمُدعي نفسه لا لشخص آخر.
- المباشرة: أن يكون الضرر أو الأثر القانوني متعلقًا به مباشرة.
- المشروعة: أن لا تكون المصلحة مخالفة للنظام العام أو القانون.
شرط وجود المصلحة:
- لا تُقبل أي دعوى لمجرد الجدل أو الفضول.
- يجب أن يترتب على الحكم أثر قانوني نافذ للمدعي.
أمثلة:
- لا يحق لشخص رفع دعوى لإلغاء قرار إداري لا يمسه.
- يمكن للمستأجر رفع دعوى ضد المالك في حال أخل بشروط العقد.
نصت المادة (3) من قانون الإجراءات المدنية على أنه: “لا تقبل أي دعوى أو طلب لا يكون لصاحبه مصلحة قائمة يقرها القانون”.
شرط الأهلية القانونية لرفع الدعوى
من شروط قبول الدعوى شكلا وهي توفر الأهلية والتي تعني صلاحية الشخص لمباشرة الأعمال القانونية بنفسه، وتختلف باختلاف السن والحالة القانونية.
أنواع الأهلية:
- أهلية وجوب: وهي التي يمتلكها جميع الأشخاص بمجرد ولادتهم.
- أهلية أداء: وهي قدرة الشخص على القيام بالتصرفات القانونية، وتبدأ عادة بسن 18 سنة في الإمارات.
حالات فقدان الأهلية:
- القُصّر دون 18 سنة.
- فاقدو الأهلية لأسباب عقلية أو صحية.
- المحجور عليهم بحكم قضائي.
من يرفع الدعوى عن غير ذي الأهلية؟
- الولي أو الوصي أو القيم.
- يشترط تقديم ما يثبت صفته (مثل قرار المحكمة أو وثيقة رسمية).
إذا رُفعت الدعوى من شخص لا يملك الأهلية ولم يكن يمثله من ينوب عنه قانونًا، يُرفض قبول الدعوى شكلًا.
اختصاص المحكمة: هل رُفعت الدعوى أمام المحكمة المختصة؟
ما هو الاختصاص القضائي؟ هو السلطة الممنوحة لمحكمة معينة لنظر نوع معين من القضايا أو القضايا الواقعة ضمن نطاق جغرافي معين.
أنواع الاختصاص:
- الاختصاص النوعي:
- يُحدد بحسب نوع النزاع (مدني، تجاري، عمالي، إداري).
- مثال: القضايا العمالية تُنظر أمام المحكمة العمالية.
- الاختصاص القيمي:
- يُحدد بناءً على قيمة الدعوى المالية.
- مثال: القضايا التي تقل عن 100,000 درهم تُنظر أمام محكمة جزئية.
- الاختصاص المكاني:
- يُحدد بناءً على موقع المدعى عليه أو مكان تنفيذ الالتزام.
- مثال: إذا كان المقر الرئيسي للمدعى عليه في دبي، فالمحكمة المختصة هي محكمة دبي.
أهمية مراعاة الاختصاص ضمن شروط قبول الدعوى شكلا:
- يُجنبك رفض الدعوى أو إحالتها.
- يسهل تسريع الفصل في القضية.
نصت المادة (31) من قانون الإجراءات المدنية على أن المحكمة غير المختصة تقضي بعدم قبول الدعوى، ويجوز لها إحالتها إلى المحكمة المختصة.
اقراء المزيد:
- محامي متخصص في القانون الجنائي في دبي.
- محامي عقارات الامارات.
- محامي متخصص في القانون المدني.
- محامي قضايا تجارية.
- محامي شرعي.
لماذا يُرفض بعض الدعاوى شكلاً في المحاكم؟

رفض الدعوى شكلًا لا يعني أن المحكمة نظرت في جوهرها ورفضت الحق، بل يعني فقط أن ال دعوى لم تُقدّم بطريقة قانونية صحيحة وفق شروط قبول الدعوى شكلا ويحدث ذلك لأسباب عديدة حيث نتعرف على ما هي الحالات التي تُرفض فيها الدعوى لعدم استيفاء الشروط الشكلية؟:
- انعدام الصفة
إذا لم يكن رافع الدعوى صاحب علاقة قانونية مباشرة بالنزاع أو لا يملك الحق في التقاضي.
- غياب المصلحة
إذا لم يكن للمدعي مصلحة حقيقية، شخصية، ومباشرة في الحكم.
- عدم توافر الأهلية
مثل أن يرفع الدعوى شخص قاصر أو محجور عليه دون وجود من ينوب عنه قانونًا.
- الاختصاص القضائي
رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة مكانياً أو نوعيًا.
- عيوب شكلية في الإجراءات
كعدم توقيع الدعوى من محامٍ في الحالات التي يشترط فيها القانون، أو عدم سداد رسوم التقاضي.
- تكرار الدعوى
إذا كانت الدعوى مرفوعة سابقًا أمام نفس المحكمة وتم الفصل فيها.
دور مكتب محاماة آلاء الجسمي في قبول الدعوى
يُعد مكتب آلاء الجسمي من المكاتب القانونية الرائدة في الإمارات، وخاصة في القضايا التي تتطلب دقة شكلية عالية عند تقديمها ويلعب المكتب دورًا حاسمًا في مساعدة الأفراد والشركات على تجنّب رفض دعاويهم لأسباب شكلية.
أبرز أدوار المكتب:
- تحليل مدى استيفاء شروط قبول الدعوى شكلا قبل رفعها: فريق المحامين يتأكد من توفر الصفة، الأهلية، المصلحة، والاختصاص.
- صياغة لوائح الدعاوى بطريقة احترافية: بما يتفق مع نماذج المحاكم وقانون الإجراءات.
- التأكد من سداد الرسوم وتقديم المستندات الرسمية: مما يمنع رفض الدعوى إداريًا.
- تمثيل قانوني قوي في حال الدفع بعدم القبول الشكلي: من خلال تقديم مذكرات قانونية تبرر سلامة الدعوى.
- إعادة رفع الدعوى في حال الرفض، مع تصحيح الأخطاء: بتكتيك قانوني يحفظ حقوق العميل.
دور المحامي هنا يتجاوز مجرد التمثيل أمام القاضي، بل يشمل بناء ملف متكامل قانونيًا من البداية.
هل يمكن تصحيح شكل الدعوى بعد رفضها؟
نعم، يُتيح النظام القضائي في الإمارات تصحيح الشكل القانوني للدعوى بعد رفضها، ولكن وفق ضوابط وشروط قبول الدعوى شكلا معينة.
متى يمكن إعادة تقديم الدعوى؟
- بعد معالجة السبب الذي أدى إلى رفضها.
- خلال المدة القانونية التي يسمح بها القانون لإعادة التقديم.
خطوات التصحيح:
- تحليل الحكم السابق: لفهم سبب الرفض.
- تصحيح الخطأ: كإضافة وكالة قانونية، أو تقديم ما يثبت الأهلية.
- إعادة كتابة صحيفة الدعوى: بشكل يتوافق مع الإجراءات الجديدة.
- رفع الدعوى من جديد برسوم جديدة: وطلب استدعاء الخصم مجددًا.
ملاحظات مهمة:
- لا يُعتبر تصحيح شروط قبول الدعوى شكلا استئنافًا للحكم.
- في بعض الحالات يكون من الأفضل تقديم طلب إعادة نظر وليس إعادة الدعوى.
- يجب تجنّب تقديم دعوى جديدة بنفس العيوب السابقة وإلا قد تُرفض مجددًا.
إعادة رفع الدعوى بعد تصحيحها والتأكد من أنها تتطابق مع شروط قبول الدعوى شكلا يعد فرصة ثانية للمدعي لإثبات حقه، لكنها تتطلب دقة قانونية واستشارة محامٍ مختص لضمان عدم تكرار الخطأ.

المحامية آلاء الجسمي
المحامية آلاء الجسمي، مؤسسة والرئيس التنفيذي لمكتب آلاء الجسمي للمحاماة في الإمارات، محام عام بخبرة أكثر من 10 سنوات متخصصة في قضايا الأحوال الشخصية، والقضايا الجنائية والمدنية، القضايا المتعلقة ب طقانون الشركات، البنوك، والقانون التجاري، تُعد من المحامين البارزين في مدينة عجمان، وتغطي بخدماتها القانونية إمارات الشارقة، دبي، العين، الفجيرة، وأم القيوين.