في ظل التطورات الاجتماعية والقانونية التي تشهدها المجتمعات العربية تأتي القوانين الجديدة لتواكب التغيرات الاجتماعية والاقتصادية، وتحقيق العدالة بين جميع أطراف الأسرة، وخاصة المرأة المطلقة التي تواجه تحديات عديدة بعد الانفصال، وفي هذا السياق أُصدر قانون المطلقات الجديد 2025 الذي جاء ليحدث نقلة نوعية في حقوق المطلقات ويعيد التوازن القانوني والاجتماعي للأسر بعد الطلاق.
قانون المطلقات الجديد 2025 في الإمارات

في إطار سعي دولة الإمارات لتعزيز العدالة الاجتماعية وحماية حقوق المرأة جاء قانون المطلقات الجديد 2025 بتعديلات جوهرية هدفها تمكين المرأة المطلقة وحمايتها من التبعات السلبية للانفصال سواء على المستوى الاقتصادي أو النفسي، مع مراعاة خصوصية المجتمع الإماراتي وتطوراته.
أهم ما جاء به قانون المطلقات الجديد 2025:
- النفقة بعد الطلاق: أقرّ القانون بحق الزوجة المطلقة في نفقة عادلة تشمل السكن، والمأكل، والملبس، والعلاج، ويُراعى في تقديرها دخل الزوج وأسلوب المعيشة قبل الطلاق. كما أُتيح للمطلقة التقدّم بطلب نفقة مؤقتة خلال سير الدعوى.
- التعويض عن الضرر: للمطلقة الحق في المطالبة بتعويض مادي عن أي ضرر معنوي أو مادي ناتج عن الطلاق التعسفي، خاصةً إذا ثبت أن الزوج أنهى العلاقة دون مبرر مقبول أو ألحق بها أذى واضح.
- السكن بعد الطلاق: في حال وجود أبناء، يُلزم الزوج بتوفير مسكن ملائم للمطلقة الحاضنة، أو دفع بدل إيجار، ويستمر هذا الحق ما دامت الحضانة قائمة.
- دعم الحاضنة: المطلقة التي تحضن أطفالها تتمتع بحقوق إضافية مثل المساعدة في تكاليف التعليم والعلاج، ويتم تنفيذ ذلك بشكل فوري ومنظم عبر المحكمة الشرعية.
- إجراءات قانونية مبسطة:ذ أصبح تقديم طلبات الطلاق والنفقة والحضانة أكثر سلاسة عبر المنصات الرقمية، مع تقليص مدة التقاضي وتسريع إجراءات الصلح، مما يقلل الضغط النفسي على المطلقة ويمنحها فرص بداية جديدة.
أبرز التعديلات في قانون المطلقات الجديد 2025
النفقة بعد الطلاق

وفقًا للتعديلات الأخيرة في قانون الأحوال الشخصية الإماراتي الصادر بالقانون الاتحادي رقم (28) لسنة 2005، والتي دخلت حيز التنفيذ بموجب المرسوم بقانون اتحادي رقم (8) لسنة 2019 وما تلاه من تحديثات، فإن النفقة تُعد من الحقوق المالية الأساسية التي تترتب على الزوج بمجرد إبرام عقد الزواج الصحيح، وتستمر حتى وقوع الطلاق وما بعده في حال وجود أبناء.
أنواع النفقة:
النفقة في القانون الإماراتي تشمل:
- نفقة الزوجة: وتشمل الطعام، المسكن، العلاج، والملبس، وتُقدّر بحسب حالة الزوج المالية ومكانته الاجتماعية. لا تسقط النفقة إلا إذا كانت الزوجة ناشزًا (أي ممتنعة عن طاعة الزوج دون مسوغ شرعي).
- نفقة الأبناء: وهي تشمل الغذاء، التعليم، العلاج، والمسكن، وتستمر حتى بلوغ الذكر سن الرشد (18 عامًا) وقد تمتد إذا كان يواصل تعليمه، أما الأنثى فحتى زواجها.
تقدير النفقة:
تُقدّر النفقة بناءً على عدة عوامل نصّ عليها قانون المطلقات الجديد 2025:
- دخل الزوج وأملاكه.
- عدد الأبناء والتزاماتهم.
- مستوى المعيشة المعتاد للأسرة قبل الطلاق.
- احتياجات الزوجة وظروفها الشخصية.
وإذا لم يتفق الطرفان على قيمة النفقة، تقوم المحكمة المختصة بتحديدها بعد تقديم المستندات المالية للطرفين.
النفقة المؤقتة:
يجوز للمحكمة أن تُلزم الزوج بدفع نفقة مؤقتة للزوجة أو الأبناء أثناء نظر الدعوى، وهو إجراء سريع لحماية الطرف المتضرر من التأخير.
حقوق الحضانة والرؤية في قانون المطلقات الجديد 2025:
في ضوء التعديلات الأخيرة على قانون الأحوال الشخصية الإماراتي، وخصوصًا في مرسوم القانون الاتحادي رقم (41) لسنة 2021 بشأن الأحوال الشخصية لغير المسلمين، ثم تطبيق بعض المبادئ المشابهة تدريجيًا على قضايا المسلمين في الدولة، أصبح تنظيم الحضانة والرؤية أكثر مرونة ووضوحًا، مع التركيز على مصلحة الطفل الفضلى باعتبارها المعيار الأعلى في جميع القرارات القضائية المتعلقة بالأبناء
أولًا: الحضانة
يُمنح أحد الوالدين حق الحضانة بناءً على مصلحة الطفل في قانون المطلقات الجديد 2025، وليس على أساس الجنس فقط كما كان في السابق. فالقانون الإماراتي الجديد ينص على أن الحضانة ليست “حقًا للوالد” بل “واجب ومسؤولية” تجاه الطفل.
- في معظم الحالات، تُمنح الحضانة للأم في السنوات الأولى بعد الطلاق، إلا إذا ثبت أنها غير صالحة أو أن بقاء الطفل معها يشكل ضررًا.
- يمكن للأب أن يطلب الحضانة إذا توفرت فيه شروط “الحاضن الصالح”، كأن يكون أمينًا، قادرًا ماديًا، وحسن السيرة.
ثانيًا: حق الرؤية
نظم القانون الإماراتي الجديد حق الرؤية بطريقة مرنة تحفظ التوازن بين الوالدين وتراعي مصلحة الطفل النفسية:
- يُمنح الطرف غير الحاضن حق زيارة الطفل وفقًا لجدول زمني تحدده المحكمة أو يتفق عليه الطرفان.
- يمكن أن تكون الزيارة في مركز مختص، أو في مكان عام، أو حتى إلكترونيًا (عن طريق مكالمات الفيديو)، إذا كان هناك مانع فعلي أو مسافة جغرافية بين الطرفين.
آلية التظلم:
إذا أخل أحد الطرفين بحق الرؤية أو امتنع عن تنفيذ الحكم القضائي يجوز في قانون المطلقات الجديد 2025 للطرف الآخر التقدم بشكوى، وقد تُفرض عليه غرامات أو تدابير قانونية تحفظ للطرف المتضرر حقوقه.
تسوية النزاعات الأسرية
يشدد قانون المطلقات الجديد 2025 على أهمية اللجوء إلى آليات التسوية والوساطة قبل إتمام الطلاق، وذلك لتقليل الأضرار النفسية والاجتماعية على الأسرة، ومحاولة الحفاظ على الروابط الأسرية متى كان ذلك ممكناً، وهذا يعكس توجه الدولة نحو معالجة قضايا الأسرة بشكل متوازن وإنساني
الدعم الحكومي للمطلقات
أحد الجوانب الجديدة في القانون هو وضع برامج دعم حكومية للمطلقات، تشمل الدعم المالي، والإرشاد النفسي، وبرامج التدريب المهني لإعادة دمج المرأة المطلقة في سوق العمل، مما يساعدها على الاستقلال المالي ويقلل من معاناة الفقر أو العوز بعد الطلاق
حقوق المرأة الاقتصادية
شمل قانون المطلقات الجديد 2025 أيضاً الحقوق الاقتصادية للمرأة المطلقة، مثل تقسيم الممتلكات الزوجية بشكل عادل، وضمان حقوقها في المسكن والملبس والأثاث، بالإضافة إلى حقوق التأمين الاجتماعي والمعاشات في بعض الحالات، وهذا يساعد في تقليل حالات النزاعات الطويلة المتعلقة بالممتلكات بعد الطلاق.
أثر القانون على المجتمع
يعد قانون المطلقات الجديد 2025 خطوة مهمة نحو تحديث التشريعات الاجتماعية، وله آثار إيجابية متعددة على الأسرة والمجتمع، منها:
- تمكين المرأة: من خلال ضمان حقوقها الاقتصادية والاجتماعية، وتقليل تعرضها للظلم بعد الطلاق.
- حماية الأطفال: عبر تنظيم الحضانة والرؤية بشكل يخدم مصلحة الطفل ويخفف من تأثير الطلاق عليه.
- تقليل النزاعات: بتشجيع التسوية الودية والوساطة قبل الطلاق، مما يحافظ على وحدة الأسرة متى أمكن.
- تعزيز الاستقرار الاجتماعي: عبر وضع قواعد واضحة للطلاق وآثاره تساعد في تقليل المشاكل الاجتماعية الناتجة عنه.
تحديات تطبيق القانون
رغم المزايا الكبيرة التي يقدمها قانون المطلقات الجديد 2025 في الإمارات، إلا أن هناك تحديات تواجه تطبيقه على أرض الواقع، منها:
- الحاجة إلى توفير بنية قانونية وإدارية قوية لضمان تنفيذ حقوق النفقة والحضانة.
- تدريب الجهات القضائية والشرطة على التعامل مع قضايا الطلاق والمطلقات بحساسية واحتراف.
- توعية المجتمع بحقوق المرأة المطلقة وأهمية دعمها وعدم وضمها اجتماعياً.
- ضرورة متابعة مستمرة من الجهات المختصة لضمان أن البرامج الحكومية للدعم تصل إلى المستحقين بشكل فعال.
نصائح للمطلقة بعد القانون الجديد
- التعرف جيداً على حقوقها الجديدة، سواء في النفقة أو الحضانة أو الدعم الحكومي.
- اللجوء إلى الجهات القانونية المختصة لضمان تطبيق القانون بشكل كامل.
- الاستفادة من برامج التدريب المهني والدعم النفسي المتاحة.
- الحرص على الحفاظ على علاقة جيدة مع الأب لأجل مصلحة الأطفال.
مميزات قانون المطلقات الجديد 2025
حماية حقوق المرأة المطلقة
- يضمن القانون الجديد حقوق المرأة المطلقة في النفقة لفترة زمنية محددة تضمن لها الاستقرار المالي بعد الطلاق.
- يوفر آليات واضحة لكيفية صرف النفقة وضمان تنفيذها بشكل فعال.
تنظيم حضانة الأطفال
- يضع القانون ضوابط واضحة لمصلحة الطفل في قضايا الحضانة، مع تحديد فترة حضانة الأم للأطفال الصغار.
- يمنح الأب حق الزيارة (الرؤية) بشكل منظم ومتوازن يراعي مصلحة الطفل.
تشجيع التسوية والوساطة
- يشدد القانون على ضرورة اللجوء إلى الوساطة وحل النزاعات الأسرية ودياً قبل إصدار حكم الطلاق.
- يساعد هذا الإجراء في تقليل التأثيرات السلبية النفسية والاجتماعية للطلاق على الأسرة.
الدعم الحكومي للمطلقات
- يقدم قانون المطلقات الجديد 2025 برامج دعم مالية ونفسية واجتماعية للمطلقات لتسهيل اندماجهم في المجتمع والاستقلال المالي.
- يشمل ذلك برامج تدريب مهني ومساعدة في البحث عن فرص عمل.
تقسيم عادل للممتلكات
- يضمن القانون توزيع الممتلكات الزوجية بشكل عادل بين الزوجين بعد الطلاق.
- يحفظ حقوق المرأة في المسكن والممتلكات المشتركة.
حماية الأطفال نفسياً واجتماعياً
- يراعي القانون مصلحة الطفل في كل قرار يتعلق بالطلاق، ويهدف إلى الحد من أي تأثير سلبي نفسي أو اجتماعي عليهم.
- ينظم أوقات الزيارة واللقاء بين الأب والأطفال لضمان استقرار حياتهم.
تعزيز الاستقرار الأسري والمجتمعي
- من خلال تنظيم عملية الطلاق والحد من النزاعات، يساهم القانون في تعزيز الاستقرار داخل الأسرة والمجتمع.
تحديث التشريعات لتواكب العصر
- قانون المطلقات الجديد 2025 يراعي التطورات الاجتماعية والاقتصادية الحديثة، ويعكس توجهات المجتمع نحو العدالة والمساواة.
خدمات اخرى:
الأسئلة الشائعة حولقانون المطلقات الجديد 2025:
ما هي الحالات التي يحق للزوجة طلب الطلاق؟
عجز الزوج عن أداء حقوق زوجته مثل النفقة، والمعاشرة الزوجية، وتوفير مسكن مستقل لائق، مع الأخذ في الاعتبار إذا ترافق ذلك مع بخل شديد من قبله.
تعرض الزوجة للإهانة أو العنف من قبل الزوج، سواء كان ذلك بالضرب، أو استخدام الألفاظ النابية والسب، دون وجود مبرر شرعي، حتى وإن حدث ذلك لمرة واحدة فقط.
تعرض الزوجة للضرر بسبب سفر الزوج الطويل، إذا استمر سفر الزوج لأكثر من عام كامل، مما يثير لديها خوفًا من الوقوع في الفتن أو الخطر على نفسها.
ما هي حقوق المرأة التي تطلب الطلاق؟
تستحق المرأة المطلقة نفقة شرعية تغطي احتياجاتها الأساسية مثل المأكل، والملبس، والمسكن، والأدوية إذا كانت تحتاجها، سواء كانت نفقة قبل الطلاق أو بعده حسب ظروف كل حالة.
لها الحق في البقاء في المسكن الزوجي لفترة معينة بعد الطلاق، خاصة إذا كان هناك أطفال تحت رعايتها، أو الحصول على مسكن بديل يتناسب مع وضعها.
تُمنح حق حضانة الأطفال (إذا كان لديها الصلاحية القانونية لذلك)، بينما تُنظم حقوق زيارة الأب للأطفال بطريقة تضمن مصلحة الأطفال النفسية والاجتماعية.
ما هي الأسباب التي تبطل الطلاق؟
إذا لم يُنطق الطلاق بالشكل الشرعي الصحيح، كأن يُقال بطريقة غير واضحة أو غير مقصودة، يكون الطلاق باطلاً، إذا نطق الطلاق أحد الطرفين وهو غير عاقل (مثل المجنون أو الصبي) أو غير مدرك لما يقول، يكون الطلاق غير صحيح، إذا تم الطلاق خلال فترة العدة أو الحمل بطريقة تخالف الأحكام الشرعية، قد يُعتبر الطلاق باطلاً أو قابلًا للطعن.
مصادر مفيدة:

المحامية آلاء الجسمي
المحامية آلاء الجسمي، مؤسسة والرئيس التنفيذي لمكتب آلاء الجسمي للمحاماة في الإمارات، محام عام بخبرة أكثر من 10 سنوات متخصصة في قضايا الأحوال الشخصية، والقضايا الجنائية والمدنية، القضايا المتعلقة ب طقانون الشركات، البنوك، والقانون التجاري، تُعد من المحامين البارزين في مدينة عجمان، وتغطي بخدماتها القانونية إمارات الشارقة، دبي، العين، الفجيرة، وأم القيوين.