في ظل التطورات الاجتماعية والاقتصادية التي يشهدها المجتمع الإماراتي، أصبحت قضايا الطلاق من المواضيع التي تستدعي اهتمامًا خاصًا من المشرّع الإماراتي، لا سيما عندما يتعلق الأمر بمصير الأطفال بعد الطلاق، إذ تُعد مصلحة الطفل هي الأولوية القصوى التي يرتكز عليها القانون الإماراتي عند البتّ في مثل هذه القضايا، حيث يحرص القانون على تحقيق توازن عادل بين حقوق الأب والأم، دون الإخلال بما يحقق الاستقرار النفسي والتربوي والاجتماعي للأطفال.
في هذا المقال نسلط الضوء على كيفية تعامل القانون الإماراتي مع حقوق الاطفال بعد الطلاق، مركّزين على محاور أساسية تشمل النفقة، المسكن، التعليم، حق الزيارة، التخيير بعد الحضانة، بالإضافة إلى حقوق أخرى، وذلك وفقًا لأحدث التعديلات القانونية والممارسات القضائية في دولة الإمارات.
كيف ينظر القانون الإماراتي إلى مصلحة الطفل بعد الطلاق؟
ينطلق القانون الإماراتي من مبدأ أن مصلحة الطفل الفضلى هي الأساس في جميع الأحكام المتعلقة بحقوق الاطفال بعد الطلاق مثل الحضانة، والزيارة، والنفقة، والتعليم، وحتى في تحديد الحاضن الأنسب، وفقًا لقانون الأحوال الشخصية الإماراتي الاتحادي رقم (28) لسنة 2005 وتعديلاته، تتصدر مصلحة الطفل قائمة الأولويات، حتى ولو تعارضت مع رغبة الأب أو الأم.
يعتمد القاضي في حكمه على تقارير اجتماعية ونفسية، ويأخذ بعين الاعتبار البيئة التي توفر الاستقرار والرعاية الأفضل للطفل، ولا يقتصر مفهوم “المصلحة الفضلى” على الاحتياجات المادية فقط، بل يشمل الرعاية النفسية، والتربوية، والدينية، والصحية، مما يعكس مدى شمولية القانون.
حقوق الاطفال بعد الطلاق في النفقة والمسكن والتعليم

1. حقوق الأطفال بعد الطلاق في النفقة
تنص المادة (78) من قانون الأحوال الشخصية الإماراتي على أن نفقة الطفل واجبة على الأب، وتشمل الطعام، والملبس، والعلاج، والتعليم، وكل ما يحتاجه الطفل بما يتناسب مع حال الأب يسارًا أو إعسارًا.
ويُقدّر القاضي مبلغ النفقة استنادًا إلى دخل الأب وظروفه المعيشية، مع مراعاة التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة وتُعد النفقة حقًا للطفل لا يسقط حتى لو تنازلت عنه الأم، ويمكن رفع دعوى مستقلة للمطالبة بها ومن الجدير بالذكر أن الأب ملزم بدفع النفقة شهريًا، ويجوز للأم الحاضنة رفع دعوى زيادة أو تعديل النفقة إذا تغيّرت ظروف الأب.
2. حقوق الأطفال بعد الطلاق في المسكن
يوفر القانون الإماراتي حماية خاصة للأطفال في ما يتعلق بالسكن بعد الطلاق فإذا كانت الحضانة للأم، يُلزم الأب بتوفير مسكن مستقل مناسب للحاضنة والأطفال، أو دفع بدل إيجار شهري للسكن.
ويُشترط في المسكن أن يكون آمنًا، وقريبًا من المدارس والمرافق الضرورية، ويحقق الخصوصية والاستقرار النفسي للأطفال وتستمر هذه الحماية طوال مدة الحضانة، بل وفي بعض الحالات بعد انتهائها إذا لم يكن لدى الحاضنة مسكن بديل مناسب.
3. حقوق الأطفال بعد الطلاق في التعليم
لا يتوقف التزام الأب على توفير التعليم فقط، بل يُلزمه القانون الإماراتي بضمان جودة التعليم. ويشمل ذلك دفع الرسوم المدرسية، والمصاريف الإضافية مثل المواصلات، والزي المدرسي، والأنشطة اللاصفية.
كما يُؤخذ رأي الحاضنة في اختيار نوع التعليم (حكومي أو خاص)، وفي حال النزاع بين الأبوين يُفصل القاضي بما يحقق مصلحة الطفل، حيث تولي المحاكم اهتمامًا كبيرًا بضمان استمرارية التعليم دون انقطاع، وتُعتبر أي محاولة من الأب لإيقاف التعليم أو تقليص مستواه مخالفة صريحة للقانون.
4. حقوق الأطفال بعد الطلاق في زيارة الطرف غير الحاضن
لا يُحرم الطرف غير الحاضن (غالبًا الأب) من رؤية أطفاله، بل يكفل القانون الإماراتي هذا الحق ويعتبره جوهريًا في نمو الطفل السليم وتنظم المحاكم حق الزيارة من حيث الزمن والمكان، ويُراعى فيها عمر الطفل وظروفه الصحية والتعليمية.
وتتضمن ترتيبات الزيارة زيارات أسبوعية، وأحيانًا إقامة مؤقتة لدى الطرف غير الحاضن في العطل الرسمية أو الإجازات المدرسية، كما يُمكن تنظيم الزيارات إلكترونيًا في حال وجود عوائق مكانية مثل سفر أحد الوالدين.
وفي حال امتناع الطرف الحاضن عن تنفيذ حكم الزيارة، يحق للطرف الآخر رفع دعوى قضائية للمطالبة بتنفيذ الحكم مع إمكانية فرض غرامات أو إجراءات جزائية.
5. حقوق الأطفال بعد الطلاق في التخيير بعد بلوغ سن انتهاء الحضانة
وفقًا لقانون الأحوال الشخصية تنتهي حضانة الأم للولد ببلوغه سن (11) والبنت (13) عامًا، ما لم يقرر القاضي خلاف ذلك لمصلحة الطفل.
بعد بلوغ هذا السن يُمنح الطفل حق التخيير في الإقامة مع من يشاء من الأبوين، بشرط أن يكون الطرف المختار أهلاً للحضانة، وأن تتوافر لديه الشروط القانونية.
وتتدخل المحكمة في حال نشوء نزاع أو وجود ضرر نفسي أو اجتماعي قد يلحق بالطفل نتيجة هذا التخيير. كما يُراعى في القرار البيئة الأفضل لنمو الطفل من الناحية النفسية والتربوية.
خدمات اخرى:
- أفضل محامي طلاق في الإمارات.
- محامي طلاق للزوجة في العين .
- محامي طلاق في الفجيرة.
- محامي طلاق في الشارقة.
- محامي طلاق في دبي.
6. حقوق الأطفال بعد الطلاق الأخرى
- الرعاية الصحية: تشمل حقوق الاطفال بعد الطلاق أيضا ان يلتزم الأب بتوفير العلاج اللازم للأطفال بما يشمل التأمين الصحي أو دفع نفقات العلاج مباشرة ويُحاسب قانونًا في حال التقصير.
- الجوازات والسفر: لا يجوز للأب أو الأم السفر بالطفل خارج الدولة دون موافقة الطرف الآخر أو إذن المحكمة ويُعد هذا ضمانًا لحماية الطفل من الاختطاف أو الاستغلال.
- الدعم النفسي والاجتماعي: توفر دولة الإمارات برامج دعم نفسي للأطفال المتأثرين بالطلاق من خلال مراكز حماية الطفل، والمحاكم المتخصصة، وخطوط الدعم المجتمعي.
- حماية الطفل من النزاع الأسري: يمنع القانون استخدام الأطفال كوسيلة ضغط أو مساومة بين الأبوين ويُحاسب من يتسبب في إيذاء نفسي مباشر للطفل جراء الخلافات الزوجية.
دور مكتب محاماة آلاء الجسمي في حماية حقوق الأطفال بعد الطلاق
يُعد مكتب آلاء الجسمي للمحاماة والاستشارات القانونية من الجهات البارزة في دولة الإمارات في التعامل مع قضايا الأحوال الشخصية، وخاصة تلك المتعلقة بحماية حقوق الاطفال بعد الطلاق يتبنى المكتب نهجًا إنسانيًا وقانونيًا متكاملًا، يركز على تحقيق مصلحة الطفل الفضلى، ويقدّم تمثيلًا قانونيًا احترافيًا يضمن حماية الأطفال من الآثار السلبية للانفصال.
يتميّز المكتب بخبرته الواسعة في صياغة الاتفاقيات الأسرية بطريقة تحفظ حقوق الأطفال وتقلّل من النزاعات القضائية، كما يعمل على توعية الأبوين بمسؤولياتهم القانونية والاجتماعية ويقوم الفريق القانوني بمراجعة شروط الحضانة والنفقة والزيارة بدقة، مع ضمان تطبيق الأحكام القضائية بأفضل الطرق القانونية، بما يحفظ كرامة الأسرة وحقوق الطفل على حد سواء.
كما يوفّر المكتب خدمات استشارية متقدمة في حالات النزاع أو الاستئناف، ويُساند الأمهات والآباء على اتخاذ قرارات مستنيرة تصب في مصلحة الأطفال، انطلاقًا من إيمانهم بأن العدالة تبدأ من حماية الأضعف في الأسرة: الطفل.
ما دور محاكم الأحوال الشخصية في حماية حقوق الطفل؟

تلعب محاكم الأحوال الشخصية في دولة الإمارات دورًا جوهريًا في ضمان حقوق الاطفال بعد الطلاق، وتعمل كجهة رقابية وعدلية تتدخل لحماية مصالحه الفضلى. ومن أبرز أدوارها:
- الفصل في النزاعات الأسرية: تنظر المحاكم في قضايا الحضانة، النفقة، الرؤية، والمسكن، وتُصدر الأحكام بما يضمن بيئة مستقرة للطفل.
- الرقابة على تنفيذ الأحكام: تتابع المحاكم تنفيذ الأحكام المتعلقة بحقوق الأطفال، وتصدر قرارات تنفيذية وعقوبات بحق المخالفين.
- الاستعانة بالخبراء: تستعين المحاكم بخبراء نفسيين واجتماعيين لإعداد تقارير عن حالة الطفل وظروفه، مما يساعد القاضي في اتخاذ القرار السليم.
- تعديل الأحكام عند الحاجة: يُمكن للأب أو الأم طلب تعديل أحكام النفقة أو الحضانة إذا تغيّرت الظروف، والمحكمة تقيّم الطلب بما يحقق مصلحة الطفل.
كما أن محاكم الأحوال الشخصية تتعاون مع الجهات الحكومية الأخرى مثل وزارة تنمية المجتمع، ومراكز الدعم الأسري، لتقديم المساندة القانونية والاجتماعية للطفل.
نصائح قانونية للوالدين: كيف نحمي أبناءنا بعد الطلاق؟
- تجنّب النزاعات أمام الأطفال: يجب الحفاظ على بيئة هادئة للأطفال وتجنّب استخدامهم كأدوات ضغط أو تلاعب.
- تنفيذ أحكام المحكمة دون تأخير: التزام الطرفين بأحكام المحكمة بشأن الحضانة والنفقة والزيارة يحمي الطفل من الأذى النفسي.
- التعاون في القرارات التربوية: من المهم أن يتعاون الأب والأم في القرارات المتعلقة بالتعليم، والصحة، والتربية الدينية.
- طلب المشورة القانونية عند الحاجة: في حال وجود خلاف حول تفسير الحكم أو تطبيقه، يجب الرجوع إلى محامٍ مختص أو المحكمة.
- التركيز على مصلحة الطفل أولًا: مهما كانت الخلافات بين الزوجين، فإن الطفل لا ذنب له، ويجب الحفاظ على استقراره النفسي والاجتماعي.
بإتباع هذه النصائح، يمكن للوالدين تقليل تأثير الطلاق على الأطفال، وبناء علاقة أبوية صحية قائمة على الاحترام والاهتمام المشترك.
خاتمة:
يعكس القانون الإماراتي اهتمامًا بالغًا بحقوق الاطفال بعد الطلاق، ويؤكد على ضرورة ضمان بيئة آمنة ومستقرة لهم، رغم انفصال الوالدين. وقد تطورت النصوص القانونية والإجراءات القضائية بما يتماشى مع رؤية الإمارات في حماية الأسرة والمجتمع.
ويُعد وعي الوالدين بحقوق أطفالهم والتزامهم بها عاملاً محوريًا في تجنب النزاعات، وتحقيق استقرار الطفل ونموه الطبيعي في كافة جوانب الحياة، في النهاية تبقى مصلحة الطفل هي البوصلة التي توجّه كل القرارات والإجراءات، سواء من قبل القضاء أو أولياء الأمور.

المحامية آلاء الجسمي
المحامية آلاء الجسمي، مؤسسة والرئيس التنفيذي لمكتب آلاء الجسمي للمحاماة في الإمارات، محام عام بخبرة أكثر من 10 سنوات متخصصة في قضايا الأحوال الشخصية، والقضايا الجنائية والمدنية، القضايا المتعلقة ب طقانون الشركات، البنوك، والقانون التجاري، تُعد من المحامين البارزين في مدينة عجمان، وتغطي بخدماتها القانونية إمارات الشارقة، دبي، العين، الفجيرة، وأم القيوين.